جامع أيوب سلطان اسطنبول 1453م
أيوب سلطان على أسوار القسطنطينية
جامع أيوب سلطان مسجد عثماني من أعظم مساجد اسطنبول قديم موجود في منطقة أيوب سلطان في الجانب الأوروبي من مدينة إسطنبول، بالقرب من منطقة القرن الذهبي ويقع خارج أسوار القسطنطينية، إذ بني المسجد عام 1458م أي بعد خمس سنوات من فتح القسطنطينية، وهو أول مسجد بناه المسلمون في إسطنبول بعد فتح القسطنطينية عام 1453م.
تسمية جامع أيوب سلطان اسطنبول:
تعود تسمية المسجد إلى الصحابي الجليل خالد بن زيد أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه، الذي استضاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بيته إبان فترة هجرته من مكة إلى المدينة المنورة، ثم استشهد عام 49هـ/669م أثناء محاولات المسلمين فتح القسطنطينية في عهد الدولة الأموية.
كان أبو أيوب الأنصاري قد ناهز الثمانين عندما شارك في حرب الروم بقيادة يزيد بن معاوية في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وبعد مرضه مرضاً شديداً أوصى بأن يدفن داخل القسطنطينية وكان له ما أراد، لم تسقط القسطنطينية رغم حصار الأمويين الطويل لها، لكن مرقد أبي أيوب الأنصاري وجد تقديراً كبيراً لدى البيزنطيين ولدى ملوكهم، ويروى أن قيصر الروم كان يحمي مقام أبي أيوب خوفاً من غضب المسلمين آنذاك وقد بلغوا الصين شرقاً وفرنسا غرباً.
وقد نال أبو أيوب الأنصاري مكانة عظيمة في الثقافة العثمانية عند فتح القسطنطينية؛ فوفقاً لبعض الروايات فإن الشيخ آق شمس الدين معلِّمُ السلطان محمد الفاتح رأى في منامه المكان الذي دُفن فيه أبو أيوب الأنصاري، وبعد فتح القسطنطينية أمر السلطان محمد الفاتح بتشييد مقبرة له في ذلك المكان، وأن تلحق به أقسام عدة.
كانت تلك الأقسام في زمنها مجمعاً دينياً وتعليمياً واجتماعياً كبيراً، يقول تاريخ هذا المسجد إنه كان يضمُّ كليَّة جاءها طلبتها من الأمصار البعيدة والقريبة ووفرت لهم المأكل والمسكن والعلم، كما ضمَّ المسجد مطعماً للفقراء وحماماً تركياً وازدهر من حوله العمارة العثمانية مثل جامع الخرقة الشريفة، لذا يفضل زيارتها خلال رحلات الى تركيا.
أهمية جامع أيوب سلطان اسطنبول ومكانته:
أحاط السلاطين العثمانيون مقام أبي أيوب الأنصاري بعنايةٍ خاصة، فكانوا يؤمنون بأنه مكان مبارك فهو مرقد صحابي كبير، حتى أن الكثير من زوجات السلاطين وبناتهم وكبار وزرائهم ومعلميهم وجميع الشخصيات المهمة في البلاط كلهم كان يوصون بدفنهم في الحي نفسه الذي دفن فيه أبو أيوب الأنصاري.
ويعتبر مسجد أيوب سلطان رابع الأماكن الإسلامية المقدسة لدى الكثير من الأتراك، وأحد أهم مساجد اسطنبول مثل الجامع الجديد وجامع السلطان أحمد، ومعلماً من معالم اسطنبول التاريخية يأتي في مقامه بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس الشريف، ورغم أن إسطنبول هي عاصمة المساجد بلا منازع، فإن عدداً كبيراً من المصلين يتدافعون إلى مسجد أبي أيوب الأنصاري خصوصا أيام الجمعة لأداء الصلاة.
ولجامع السلطان أيوب قيمة روحية ومناخ معنوي، لذلك يعتبر من أهم وجهات السياحة في اسطنبول التي يمكن الذهاب إليها خلال رحلة الى تركيا، يثير لدى زواره ورواد المنطقة مشاعر وتأملات الحياة الأخروية، كما تضمُّ المنطقة المحيطة بجامع وكلية السلطان أيوب عددا من مقابر بعض الشخصيات ذات الأهمية والقيمة الذين تمنوا أن يدفنوا بالقرب من الصحابي الجليل وتلك إشارة أخرى لقيمة المكان في الثقافة العثمانية.
كان المسجد هو الموقع التقليدي لحفل تتويج السلاطين العثمانيين، حيث كان السلطان الجديد يقلَّد بسيف عثمان بن أرطغرل مؤسس الدولة العثمانية أثناء تتويجه، ولذلك يعتبر المسجد اجمل مناطق تركيا ومقصداً للزوار خلال سفرة الى تركيا باعتباره معلماً من المعالم التاريخية في اسطنبول، ورمزاً من رموز اسطنبول المتمثلة بمساجد اسطنبول التاريخية.
Comment (0)